16 يونيو 2010

روح بلا جسد

يستلقي في هدوء تام ، رأسه متجها إلى الشمال ، عيناه مغلقتين وتنفسه منتظم وفمه مفتوح، يبدأ بالتنفس من فتحة انفه اليمنى بينما يغلق الأخرى بإحكام ، ثم يفعل العكس، يكتم أنفاسه ويزيد من مدة تنفسه .. يميل نحو الإرهاق الشديد نتيجة ذلك .. يبدأ بالارتعاش ... يشاهد أضواء وخطوط خيالية ، يركز عليها ويستحضرها في ذهنه ..تصيبه الآم في مختلف أنحاء جسده ، يقاومها بقوة ، يندفع بسرعة نحو الأعلى، يرى بدنه ممدا على السرير، لا يتمكن من ضبط توازنه، يشاهد من بعيد منزل تحيط به الأعشاب والأشجار، يحاول الذهاب إليه إلا إن زوجته تناديه فيعود فورا إلى جسده ويفتح عينيه.. يستشيط غضبا ويحاول تكرار التجربة إلا أن أعصابه قد بلغت مداها من الإرهاق، يستسلم لسلطان النوم...

.........................

يستيقظ ظهرا من شدة التعب، يرتشف القهوة ويتبادل طرائف الحديث مع زوجته التي تستأذنه للمكوث مع أختها في هذه الليلة ، يفرح بالأمر ويعد نفسه لإعادة التجربة مرة أخرى ... ... يتناول أدوية التخدير ثم يبدأ بالاسترخاء، يشعر بأنفاسه ونبض قلبه، يشاهد ضوءا يحيط بجسده، يسمع أصوات غريبة، يحس بأنه يفقد تحكمه بأعضاء بدنه... يجد نفسه أعلى غرفته مرة أخرى وهو بكامل وعيه، يوقن بأنه قد نجح في الخروج من جسده ، يرى نفس المنظر السابق، يذهب إليه فورا، يجد نفسه داخل بيت مبهر الألوان ، ومن حوله حشاش ذهبية ، يتذكر انه رئاه من قبل ، يخرج منه شيئا فشيئا ، يشاهد المنزل من بعيد وهو محاطا بسياج معدني، يكتشف انه ليس سوى اللوحة التي تزين جدار غرفته!! .. يبدأ بالتجول في منزله ، ثم يخرج منه بسرعة فائقة، يجلس بالقرب من الباب الرئيسي، يشاهد صديقه هيكس وقد ترجل من سيارته ويستعد لقرع جرس الباب ، ينادي “هيكس لا تفعل !"

.........................

وما أن يقرع الجرس حتى يعود إلى جسده فورا... يفتح الباب لصديقه ، وهو في قمة تعبه، يستلقي على الأريكة ويتناول معه كوب قهوة دافئ

- هيكس: " ماذا حل بك؟ لماذا تبدوا متعبا ؟"

- دافيد: " لا شي كنت نائما قليلا" .

- هيكس: " أرجو أن تراجع الطبيب، حالتك لا تبدو على ما يرام".

- دافيد:" أنا بخير "

- هيكس :" هل سمعت عن آخر جريمة حدثت في البلدة ؟"

- دافيد :" لا"

- هيكس :" لقد قتلت العجوز مادلين وسرقت خزنتها" .

- دافيد:"يا الهي إنها جريمة بشعة حقا".

- هيكس :" أظنهم سيفشلون في العثور على القاتل كما حدث للراحل سباستيان ، الذي قيدت قضيته ضد مجهول".

.............................

تعود زوجته وابنتيه الصغيرتين للبيت، يجلس معهن قليلا...

- "نورا سأذهب للنوم".

- "دافيد، ما حكايتك مع النوم ، ابقى معنا قليلا" .

- "أنت تعلمين إنني منذ تقاعدي وأنا لا احبذ السهر" .

- "لا اعلم ما الذي يعجبك في كثرة النوم" .

- "في النوم التقي بأرواح من رحلوا ! ".

- باستهزاء تقول:"هاهاهها ، كلام سمعته منك كثيرا إذن التقي بروح العجوز مادلين وسألها عمن قتلها!! "

- يقول بحزم: " سأفعل . .. يحكم إغلاق الغرفة، ويتناول أدويته المهدئة ، يغلق عينيه ، يفقد اتصاله بعالم اليقظة شيئا فشيئا وهو بكامل وعيه ، يرى كل شي حوله بوضوح ، يشعر بأنه يرتفع عن سريره ، ينظر للأسفل فيرى نفسه ممدا على السرير وشعلة من النور تحيط به ، يكتشف بأنه خرج من جسده بسهولة، يسبح في أنحاء المنزل ، يشاهد زوجته وهي تلاعب ابنتيه ، يفكر في الذهاب بعيدا، يطير في السماء فيشاهد أشخاص كثيرين، يسال احدهم عن العجوز مادلين ، فيدله عليها ، يذهب إليها فورا ..

- " سيدة مادلين ، من الذي قتلك ؟ " (تبكي بشدة)

- " أرجوك اخبريني بسرعة" ( يشعر بأنه سيعود إلى جسده)

- "اسمه مايك ويعمل حارسا للمدرسة الابتدائية . .. يستيقظ من نومه، يفتح الباب لزوجته التي تصرخ في وجهه، يتجاهلها ويكتب ما سمعه من الراحلة قبل أن ينسى، يحاول مصالحة زوجته ولكنها تعرض عنه بجفاء".

يتناول طعام إفطاره بسرعة ، وزوجته لا تزال غاضبة منه ..

- "لن تنام بمفردك بعد اليوم، سأحطم باب الغرفة إن وجدتها مغلقة"

يتجاهلها ويخرج سريعا ... .. يذهب إلى مركز الشرطة ... رئيس الشرطة

- "وما الذي يجعلك تشك في مايك ؟ "

- "لقد شاهدته يتحدث مع القتيلة أكثر من مرة ويدخل منزلها أيضا".

- "نحن لم نحقق معه، أنت أول شخص يكشف لنا بأنه كان على علاقة بها، سنتحرى عن الأمر على كل حال. .."

يعود إلى منزله ويعتذر لنورا، ثم يداعب ابنتيه، ويقضي بقية يومه في أمسية عائلية لطيفة.... ولكنه في وقت النوم يفاجئ بما فعلته زوجته!!

- "يا الهي ! ماذا فعلت؟ لقد كسرت قفل غرفتنا ! "

– "حتى لا تنام وحدك يا عزيزي! "

ينام معها قليلا، ثم ينسحب بهدوء إلى غرفة استقبال الضيوف... يغلقها بإحكام ، ثم يبدأ بتناول المهدئات ليخرج من جسده بانسيابية .. يتجول في أنحاء البلدة، يشاهد مجموعة من اللصوص وهم يسرقون سيارة الشريف، ينظر في وجوههم بتركيز... يتوجه إلى قسم الشرطة، يحاول التحدث إلى احد رجال الأمن، إلا انه يكتشف بأنه روح بلا جسد !! ولا يمكن لأحد سماعه!! ... يقفل راجعا إلى منزله، وفي الطريق يشاهد روح جارته، يقف إلى جوارها ويتحدث إليها..

- "سيدة ناغاي أرجو أن تغفري لي" .

- "على ماذا يا دافيد؟!"

- "لقد دخلت إلى حديقة منزلكم خلسة في الصيف الفائت بحثا عن كلب ابنتي" ( تقبل اعتذاره بلطف) وفجأة، تسبح روحها بسرعة مهرولة لتختفي عن ناظريه.... يسمع أصوات كثيرة لأناس يتجولون في الفضاء.. يذهب إليهم ويحاول محادثهم ولكنهم يعرضون عنه ، يشعر بإرهاق شديد وان كتلة هوائية قوية تشده إلى جسده .. .. يستيقظ ليجد زوجته نورا تضرب الباب بعنف، يفتح لها الغرفة بسرعة..

- " فعلتها مرة أخرى ، نمت بمفردك " ( بغضب شديد)

- "أنا آسف يا حبيبتي ولكني كنت مضطرا"

يعتذر لها بشتى الأعذار ويعدها بأنها ستكون آخر مرة .. تصفح عنه على مضض.. .. في الظهيرة تطلبه الشرطة فيذهب على الفور.. رئيس الشرطة

- "دافيد لقد راقبنا مايك واتضح بأنه هو القاتل فعلا ".

- "هذا خبر سار ".

- "الشريف كان سيذهب إليك بنفسه ولكنه مشغولا بمتابعة التحقيقات بشان سيارته التي سرقت في الليلة الماضية".

- "استطيع التعرف على من سرقها بسهولة" .

- "كيف؟ "

- "ارني المشتبه بهم فقط."

يذهب به إلى السجن ، يشاهد مجموعة من المشتبه بهم..

- "هذا هو وله شريكين أيضا !"

الذهول يسيطر على الجميع .. يواجه دافيد السارق بأنه كان يرتدي قميص ازرق أثناء سرقته سيارة الشريف .. ينكر ذلك ، إلا إن رئيس الشرطة يأمر بتفتيش منزله ، ليجد رجال الأمن قميصه الأزرق .. ينهار بسرعة ويعترف بجريمته ويدلي باسمي شريكيه ..

- رئيس الشرطة : " كيف عرفت يا دافيد بأنهم من سرقوا سيارة الشريف ؟ "

- ( بابتسامه ومرح) " استطيع الخروج من جسدي والتجول بكل سهولة في أي مكان ".

- "هاهاهاها ، أنت تسخر مني دون شك".

- "كلا هذه هي الحقيقة" .

لا يأخذ رئيس الشرطة كلامه على محمل الجد ولكنه يأمر بمراقبته بعض الوقت...

.يلتقي دافيد بصديقه هيكس ويتنزهان قليلا .. تشاهده جارته ..

- "دافيد ، لقد حلمت بك قبل ليلتين ، وفي الحلم اعتذرت مني ".

- " لأني دخلت إلى حديقة منزلك من دون إذنك بحثا عن كلب ابنتي!! "..

تنظر إليه بتعجب ودهشة .. يسأله هيكس عن سر معرفته بحلم جارته .. يبتسم في وجهيهما ثم يهيم ضاحكا مرحا ...

ينام دافيد مع زوجته ثم يذهب خلسة لغرفة الضيوف ليتجرد من جسده ، ولكنها تداهمه وهو في مرحلته الأولى

- " لماذا تريد النوم بعيدا عني؟ "

- "حبيبتي أنا ... "

-" أنت ماذا؟ " (تبكي بشدة)

- "إما انك مريض أو شاذ جنسيا! "

- "لا أنا...."

تثور ثائرتها وتجمع ملابسها وتأخذ ابنتيها لترحل غاضبة باكية... ... يبقى في بيته وحيدا مكتئبا ..

يتناول المهدئات ليخرج من جسده.. يذهب إلى منزل والدي زوجته .. يشاهدها وهي تبكي في حضن والدتها... والدة نورا

- "لا تقلقي يا ابنتي سيكلمه والدك في الغد لنعرف سر تفضيله النوم بعيدا عنك."

يتجول في أنحاء البلدة ، يشاهد روح صديقه هيكس..

-" يبدو انه نائم لذلك أراه بهذا الجسد الشفاف."

- "أهلا دافيد" .

- "أهلا هيكس" .

- "ماذا تفعل هنا؟"

- "زوجتي غاضبة مني ، وهي الان في بيت والديها ، فقررت التنزه قليلا ".

- "أوه ، هذا مؤسف، سأحاول مصالحتكما .. "

تغادر روح هيكس بسرعة، يخمن انه في طريقه للاستيقاظ من نومه .. يمر على مقبرة البلدة فيشاهد مجموعة من الأرواح ، يلمح من بينها روح شابة تقف بعيدا والحزن متملكا من تقاسيم وجهها ..يقترب منها ..

- "أنت ما تزالين شابة ، كيف مت ؟ "

- ( بحزن عميق) " قتلني صديقي" .

- "أو لم يقبض عليه ويعاقب جزاء فعلته الشريرة هذه ؟ "

- " كلا، انه احد أعضاء عصابة مخدرات كبيرة في الولايات المتحدة".

- "يا له من مجرم وسفاح، كيف تجرا على قتلك ؟ "

- "إنها قصة طويلة يا دافيد" .

- " وماذا حدث بعد موتك ؟ "

- "لا شي، ما تزال العصابة تمارس أنشطتها الإجرامية، وكل شخص يحاول إيقافهم سيقتلونه مثلي!!"

يشعر بإعياء شديد .. قوة رهيبة تجبره على الرحيل.. يعود إلى جسده.. يستيقظ ليرى الدنيا وقد أشرقت شمسها... يشرب كوب من القهوة ثم يتجول بسيارته برفقة صديقه هيكس .

- هيكس : "دافيد ، لقد حلمت بك في الليلة الماضية وقلت لي بأنك قد تشاجرت مع زوجتك ".

- " كلا لم يكن حلما ! "

- هيكس : "ماذا تقول ؟ لقد كان حلما بالفعل !! "

- "اعني ما أقوله تماما ، لقد خرجت من جسدي وتجولت في أنحاء البلدة ورأيتك ! فحدثك عما جرى بيني وبين زوجتي!! "

- هيكس : "غير معقول !! ."

يزيد دافيد من السرعة

- هيكس : " قف إلى أي أنت ذاهب ؟ "

- " إلى المقبرة !! "

- هيكس : " يا الهي لقد فقدت عقلك دون شك ! "

يدخل المقبرة ليبحث عن قبر الفتاة.. يكتشفه بعد طول بحث ...

- هيكس : "هل تعرف صاحبة هذا القبر ؟ "

- "سأخبرك لاحقا".

يزوره والد نورا.. يعتذر إليه لانشغاله بأمر هام.. يتناول المهدئات ويسترخي ليخرج من جسده.. يذهب إلى المقبرة باحثا عن روح الفتاة... يجدها مستلقية عل قبرها .. يجلس معها ويسألها عن كل ما تعرفه عن العصابة وتفاصيل مقتلها، تخبره بكل ما لديها من معلومات... يعود إلى جسده ويدون كل ما حفظه من كلامها.. يذهب لرئيس الشرطة ويفاتحه بشان القضية..

- رئيس الشرطة : " لقد أغلقت هذه القضية منذ زمن بعيد يا دافيد" .

- " ولكنكم لم تتوصلون لقاتل الفتاة" .

- رئيس الشرطة : " لقد قيد مقتلها ضد مجهول!! "

- "أنا اعرف من قتلها!! "

- رئيس الشرطة : " أنت مجنون! ، لم يستطع التوصل إليه عشرات المخبرين من خيار رجال المباحث الفيدرالية ، ثم تأتي أنت لتقول انك تعرفه ! "

- " صدقني أنا واثق من مما أقول" .

- رئيس الشرطة : "من هو ؟"

- رئيس الشرطة : " انه صديقها جاك"

يخبره بتفاصيل مقتلها وأدلة إدانة جاك .. يقتنع بشرحه ويقارنه بالمعلومات التي يحتويها ملف القضية ... يستخرج رئيس الشرطة التصاريح اللازمة لاعتقاله جاك ... يتوجه إلى بيته ويواجهه بالحقائق والأدلة ، إلا انه ينكرها .. يأمر قائد الشرطة رجاله بتفتيش المنزل فلا يجدون أي أدلة من التي ذكرها دافيد .. يضحك جاك ويهدد ويتوعد .. يتصل قائد الشرطة بدافيد فيحضر على عجل .. يخبرهم بأنهم كانوا يبحثون في المكان الخاطئ وان أداة الجريمة في حديقة المنزل بالقرب من شجرة الموز .... يسارعون البحث... يحاول جاك الهرب إلا إن رجال الشرطة يقبضون عليه .. يجدون بعد حفر الأرض بعمق أدا ة الجريمة ، يودع جاك السجن ويقبض على مجموعة كبيرة من أفراد العصابة ، بينما يصبح دافيد حديث الساعة والصحف والقنوات التلفزيونية ..

- صحفية : " مستر دافيد ، كيف عرفت بتفاصيل هذه الجريمة ؟ "

- " لقد تلقيت استغاثة من روح القتيلة والتقيتها في المنام واخبرتني بالكثير من التفاصيل" .

- صحفية : "ولكن يقال بأنك حضرت روحها وتحدث معها كما تتحدث لأي إنسان حي" .

- "كلا هذا غير صحيح"

يصبح مشهورا في بلدته، البعض اعتبره قسيسا، إلا إن أجهزة الاستخبارات تداهمه وتعتقله في محاول للكشف عن سر معرفته بالعصابة التي لم تتمكن أجهزة الأمن من الإيقاع بها.. تخضعه لشتى الاختبارات ولكن من دون جدوى..

- رئيس فرع الاستخبارات : "كيف عرفت بأمر العصابة يا سيد دافيد ؟ "

- " التقيت بروح القتيلة !"

- رئيس فرع الاستخبارات : " وكيف عرفت قاتل السيدة مادلين وسارقي سيارة الشريف ؟! "

- "مجرد تخمين".

- رئيس فرع الاستخبارات : "حسنا ستبقى محتجزا بعض الوقت حتى نتوصل للحقيقة" .

يحاول دافيد الخروج من جسده فيكتشف بأنه مراقبا بكاميرات دقيقة.. يحاول الخروج من جسده دون لفت الأنظار إليه .... ينجح في ذلك بعد محاولات مضنية .. يذهب إلى منزل عائلة زوجته نورا.. يقف بالقرب منها.. يتأملها ويتذكر أيام زواجهما الأولى.. تبدأ زوجته بالنوم لتخرج من جسدها.. تراه واقف أمامها.. يخبرها بأنه في ورطة وان أجهزة الاستخبارات تعتقله وان عليها مساعدته...فجأة يسمع نداء ابنتيه .. يهب إليهما ويحتضنهما ويلعب معهما .. يشاهد روح زوجته وهي تعود لجسدها مرة أخرى..يخبرها على عجل باسم فرع الاستخبارات المحتجز فيه... يغادر بسرعة إلا إن ابنتيه تناشدانه البقاء بقوة تجبره على الذهاب لجسده ليفتح عينيه ويرى نفسه محاطا برجال الاستخبارات من كل جانب، يلقون عليه نظرة فاحصة ثم يرحلون بصمت..

- رئيس فرع الاستخبارات : " هل لاحظتم عليه أي شي غير اعتيادي أثناء نومه ؟"

- احد الضباط: " كلا، كل شي طبيعي".

- رئيس فرع الاستخبارات : " يا للهول ! هل لديه قوى خارقة أم انه مرتبط بعصابة إجرامية منافسة ؟" ..

في اليوم التالي كانت نورا تطلب زيارة زوجها دافيد .. يلتقي بها ويعانقها بشوق .. إلا إنها لم تكن وحيدة فقد اصطحبت معها محاميا، يطالب المحامي الإفراج الفوري عن دافيد لعدم وجود أي دليل على تورطه في أي جناية ، ويهدد برفع قضية في المحكمة الاتحادية إن لم يجاب طلبه .. لا يرى رئيس الفرع بدا من الاجتماع بمرؤوسيه ليقرر في النهاية الإفراج عنه ووضعه تحت المراقبة المشددة .. يعود دافيد إلى عائلته الصغيرة ..

- زوجة دايفيد : " حبيبي لقد علمت بأمر اعتقالك أثناء نومي، رايتك في الحلم تستغيث بي وتطلب مني المساعدة."

- "وأنا كذلك يا زوجتي الحبيبة رأيت نفس الحلم" .

يتعانقان ويقضيان ليلة دافئة ..

.............................

يقضي وقته متسكعا ما بين البيت والبلدة ، يحاول إيجاد فرصة للخروج من جسده ولكنه لا يتمكن ، يتصل بصديقه هيكس ليفتعل له عذرا في الحصول على فرصة للنوم بعيدا عن نورا ، يتمكن من ذلك بصعوبة بعد أن أقنعها بان زوجته سافرت خارج البلدة وانه يخاف النوم وحيدا !!

- هيكس : "إلى أين سنتوجه ؟ "

- "إلى المقبرة ".

- هيكس : "ماذا؟ "

- " أريد أن التقي ببعض الأرواح هناك" .

- هيكس : "ولكني أخاف أن أبقى وحيدا في هذا المكان المخيف".

- "لا تخف سأكون معك ! "

- هيكس : " اسمع يا دافيد أنا غير مقتنع بحقيقة قدرتك على التحدث مع الأموات، إن تأخرت سأتركك وارحل !!"

- "حسنا، موافق !! .."

يوقف هيكس السيارة بالقرب من المقبرة ثم يبتعد دافيد ليفترش الأرض في مكان منعزل .. يسترخي شيئا فشيئا حتى يخرج من بدنه.. يشعر بان شي ما سيحل بعائلته.. يذهب إليها فورا فيشاهد مجموعة من الرجال الملثمين وهم يهمون بخطف زوجته وابنتيه... يعود بسرعة إلى بدنه الممد بالقرب من مقبرة البلدة ويحاول دخوله ولكن يفشل ، يحاول أكثر من مرة فلا يستطيع ..

- " دافيد.. هل مت يا ترى ؟ كلا لم تمت !"

يلتفت خلفه فيرى الفتاة القتيلة

- دافيد: " أنتِ ! "

- "نعم، هذا أنا".

- "لقد أصبحت أكثر جمالا ! "

- " استمع إلي، إن العصابة تحاول الانتقام منك لأنك كشفت أمرها وأفقدتها خيرة رجالها، وتسببت لها بخسائر مالية ضخمة".

- "يا الهي".

- " يجب أن تكشف أمرهم للسلطات".

- "ألا يمكنك مساعدتي ؟ "

- " بالطبع، يجب أن أرد لك الجميل، إنني في هناء وسعادة منذ اعتقال قاتلي، وكل ذلك بفضلك ".

- " إذن هذا هو سر نضارتك وحيويتك"

يشعر بتعب شديد .. يعود إلى جسده .. يذهب مسرعا إلى هيكس .. لا يجده في مكانه ، فيركض بأقصى سرعته باتجاه منزله ، إلا إن هيكس يعود إليه مرة أخرى ..

- هيكس : "أنا آسف، لم امتلك الشجاعة للبقاء بمفردي في هذا المكان الموحش" .

- "لا عليك، ولكن أرجوك أسرع فقد حدث أمر خطير".

- هيكس : "ما الذي حدث ؟"

- "لقد خطفت عائلتي" .

- هيكس: "يا الهي! ولكن كيف عرفت بذلك وأنت نائم ؟"

- "قلت لك باني استطيع الخروج من جسدي" .

- هيكس: "إذا اتضح لي بان كلامك هذا صحيح، فان ادعائك القدرة على الخروج من جسدك لا يمكن أن أشك فيها بعد اليوم. "

يدخلان المنزل فيجدان العصابة قد حطمت الأثاث ودمرت المحتويات... يرن جرس التلفون ..

- "الو أنت دافيد؟"

- "أنا هو ".

- "سنقتل زوجتك وابنتيك إن لم تنفذ ما نقول"

- "وماذا تريدون ؟ "

- "خمسين مليون دولار كتعويض عن الخسائر التي سببتها لنا ".

- "ولكني لا امتلك هذا المبلغ إطلاقا" .

- "إذن سنقتل أفراد عائلتك واحدة تلو أخرى"

يسمع صراخ زوجته وابنتيه ..

- هيكس:" دافيد، عليك إبلاغ الشرطة ".

- "ولكني أخشى أن ينفذوا تهديدهم بقتل عائلتي".

- "إذن ماذا ستفعل ؟ "

- "لا اعرف . .. يستلقي على سريره ويسترخي ليخرج من بدنه.. يلتقي بالشابة القتيلة .. يسير معها في أنحاء البلدة لمعرفة مكان احتجاز عائلته حتى يكتشفانه "

- الفتاة القتيلة: " لا تحاول الدخول حتى لا تراك أرواح الخاطفين".

- "ماذا افعل إذن ؟ "

- "عليك أن تعود لجسدك وتحاول تحريرهم"

يعود لجسده ويخبر هيكس .. يتسلحان ويذهبان إلى المكان ... يتسللان بحذر ولكن العصابة تقبض عليهما بسهولة .

- زعيم العصابة: " كيف اكتشفت مكان احتجاز عائلتك يا دافيد ؟ "

- "وهل تعتقد باني سأبوح لك بالسر؟ "

- زعيم العصابة: "الويل لك!! "

يسلط رجاله على زوجته ويبدؤون بتمزيق ملابسها .... دافيد

- "كفى أرجوكم سأخبرك الحقيقة".

- زعيم العصابة: " هيا وبسرعة" .

- " أنا استطيع الخروج من جسدي والذهاب إلى أي مكان بكل سهولة"

تصدم زوجته من كلامه ..

- زعيم العصابة: " يا لك من دجال، سأقتل عائلتك أمام عينيك".

- "كلا ، هذه هي الحقيقة" .

- "إذن اثبت لنا ذلك وإلا قتلناكم جميعا".

- "حسنا، سأخرج من جسدي وسأرشدك لمكان يوجد به مال وفير.. .. يجتمع أفراد العصابة ويتفقون على مجاراته"

- زعيم العصابة: " لقد قبلت بعرضك، وان لم تنجح سأقتلكم واحد تلو الآخر"

يتناول المهدئات ويسترخي ولكنه يفشل في الخروج من بدنه..

- زعيم العصابة :" لقد مرت أكثر من ساعتين وأنت لم تنم حتى الان ؟"

- "وكيف أنام وانتم حولي ومعي! "

- زعيم العصابة :" لا باس، سنجعلك في غرفة بمفردك ولن يكون معك أحدا قط"

ينقلونه إلى غرفة معزولة، سرعان ما ينام ليخرج من جسده.. يشاهد زوجته نورا وابنتيه وصديقه هيكس مقيدين وأفراد العصابة يحيطون بهم .. يطير في السماء فيشاهد الشابة القتيلة ويخبرها بما حدث له واتفاقه مع العصابة.. تقرر مساعدته فتبحث معه عن نقود مخبأة في أي مكان.. يكتشفان منزلا في خزنته أكثر من 4 مليون دولار وأصحابه غير موجودين... يعود لجسده بسرعة ..

- زعيم العصابة :" أخيرا استيقظت، هيا اخبرنا عن المال".

- "لقد اكتشفت منزلا يوجد به مبلغ لا يقل عن 4 مليون دولار" .

- "حقا! سنعرف الان ماذا إذا كنت صادقا أم لا"

يرسل زعيم العصابة رجاله لسرقة البيت بعد أن وصفه لهم دافيد بدقة .. يقتحمون المنزل ويتوجهون إلى مكان وجود الخزانة مسترشدين بوصف دافيد ، يجدونها بسهولة ... يفجروا القفل ليرون أمامهم مبلغا ضخما.. يجمعونه بسرعة ويقفلوا راجعين... زعيم العصابة

- "يا رجال كم المبلغ بالضبط ؟"

- "انه 4 مليون دولار وعشرين ألف. .... يلتفت إلى دافيد بابتسامة ماكرة .."

- " أنت معجزة أمريكا يا دافيد ، انك ثروة لا تقدر بثمن . .. يأمر زعيم العصابة بإطلاق عائلته وصديقه هيكس."

- زعيم العصابة : " إذا أخبرتم الشرطة سنقتل دافيد شر قتلة" .

ثم يتوجه بكلامه إلى دافيد ...

- "دافيد عليك مساعدتنا في تعويض خسائرنا التي تسببت لنا ، هذا شرطي لإطلاق سراحك ".

يأمره زعيم العصابة بالبحث عن الأموال في كل مكان .. يعده بذلك ... ينام بصعوبة بالغة ليرحل عن جسده مجددا.. يلتقي بصديقته الشابة القتيلة مرة أخرى....

- "ماذا سأفعل الان ؟ أنا أسيرهم بجسدي وروحي أيضا ".

- "دافيد عليك أن تبلغ رئيس شرطة البلدة ".

- "ولكن كيف ؟"

تمسك بيده وتعرج به إلى منزل رئيس الشرطة.. يجدانه ما يزال مستيقظا .. ينتظرانه طويلا ...

- دافيد :"متى سينام هذا الرجل ؟"

- "لا تقلق سينام حتما وان طال الوقت"

يبدأ بالنوم لتخرج روحه من جسده.. يحاول دافيد التحدث معه ولكنه يرفض بشدة، تتدخل الشابة القتيلة ..

- رئيس الشرطة : " أنت قتيلة عصابة المخدرات".

- "نعم أنا هي".

- "وماذا تريدين مني ؟"

- "إن دافيد محتجزا لدى عصابة المخدرات التي تسببت بقتلي ، يجب أن تساعده" .

- "اخبريني عن مكان احتجازه" .

- "انه في .."

ما أن تهم بإخباره حتى يعود إلى جسده.. يستيقظ ثم يحاول النوم مجددا .. دافيد

- " يا الهي إنني أعود إلى جسدي ".

- الشابة :" دافيد لا .. ليس الان "

إلا انه يستيقظ من نومه ليجد زعيم العصابة واقفا على رأسه..

- "هل وجدت لنا مال لنسرقه ؟ "

- "ليس بعد" .

- "الويل لك، سأسامحك هذه المرة ولكن في المرة القادمة إن رجعت خائبا سأضربك ضربا موجعا".

يقرع جرس باب منزل دافيد .. كان الزائر رئيس الشرطة ...

- "مرحبا مدام نوره" .

- "أهلا بك" .

– "أين دافيد ؟"

- ( باضطراب) " انه مسافر".

- " أين؟ "

- " إلى واشنطن لانجاز بعض الأعمال" .

- "سيدتي هل تحتاجين إلى أي مساعدة، هل أنت بخير ؟ "

- "كلا شكرا، أنا بخير"

يشك في الأمر ، فيستدعي هيكس ، الذي يخبره بكل شي .

- "هكذا إذن ! أنا متيقن الان إن ما رايته في الليلة الماضية لم يكن حلما بل حقيقة ، لقد زارتني روح دافيد بكل تأكيد "

يعود دافيد للنوم ليخرج من جسده مرة أخرى ، ويذهب لمنزل قائد الشرطة ليجد روحه بانتظاره .. يصف له مكان احتجازه ... يستيقظ مفزوعا ويتصل بقيادة شرطة الولاية ويطلب منهم تجهيز فرقة مسلحة من الشرطة والمباحث المحلية. رئيس شرطة الولاية

- "وكيف عرفت بمكان احتجاز دافيد ، هذا إن كان مختطفا فعلا . رئيس شرطة البلدة "

- "لقد اخبرني دافيد بنفسه !! "

- "كيف يخبرك وهو مخطوف؟!! "

- "لقد شاهدته في الحلم واخبرني !! "

- " أنت تهذي دون شك، هل تريد مني أن أوقع على طلبك وأسلمك فرقة بكامل تجهيزاتها بناء على حلم ؟ "

- "ولكنها الحقيقة ".

- " سيد روجر، أنت قائد شرطة عظيم ولك في الخدمة أكثر من 20 عاما ، فكيف تهدم انجازات عقدين من العطاء والاحتراف في تصديق وهم لا يؤمن به سوى المجانين ؟! "

- "كلا ليس وهما بل حقيقة ، وساثبت لك ذلك"

يطلب حضور نورا وهيكس ليعترفا لقائد شرطة الولاية بالحقيقة كاملة .. لا يكاد يصدق ما يسمع .... يقف محتارا في الأمر ...

- "حسنا، سأوافق على طلبك، ولكن إن اتضح أن كلامكم غير صحيح عليك أن..."

– "نعم سأقدم استقالتي فورا . .. تتجه القوة إلى مكان احتجاز دافيد لتواجه رجال العصابة المسلحين ... زعيم العصابة "

- "كيف توصلوا ألينا؟"

يذهب إلى دافيد ..

- "لا بد انك أثناء نومك أخبرت احد رجال الشرطة."

يضرب دافيد بقسوة ، ثم يقيده ويحاول الهرب به .. الشرطة تقتل معظم أفراد العصابة وتتبادل النار مع الباقين.. - زعيم العصابة :" دافيد سأقتلك لتغدو روح بلا جسد للأبد"


.فجأة تتجسد له روح الفتاة القتيلة ..

- "يا الهي ! لا اصدق ما تراه عيني ، أنت التي قتلك جاك"

يفقد السيطرة على سلاحه وتصيبه حالة صرع مفاجئ، لتأتي الشرطة وتقبض عليه..

- دافيد: " شكرا لك لقد انقذت حياتي، ولكن كيف أراك وأنت روح بلا جسد ؟ "

- الشابة القتيلة :" استطيع يا دافيد التجسد في بعض الأحيان لمن أشاء"

تبدأ بالتلاشي .

- "توقفي، إلى أين أنت ذاهبة ؟ "

- "دافيد ، اعتن بنفسك وعشت حياتك كأي إنسان طبيعي" .

- "أرجوك عودي".

- "دافيد ، الإنسان الكامل هو الذي يحيا بروحه وجسده، الحياة بالروح تبقى ناقصة من دون الجسد مهما كان الإنسان عظيما ورائعا

ترحل بعيدا و يعتذر قائد الشرطة لدافيد ويؤكد له بأنه يصدقه تماما وسوف يوثق كل ما جرى مهما كانت النتائج.. يعود دافيد لعائلته وأصدقائه .. يحاول مجددا الخروج من جسده ولكنه لم يعد يستطع.... تبقى ذكرياته مع روح الشابة القتيلة عالقة في ذهنه، أما الموت فلم يعد مخيفا بالنسبة له، بل انه في بعض الأحيان ينتظر بشوق اللحظة التي سيغدو فيها روح بلا جسد ليغدوا طليقا في عالم لا متناهي من الجمال والبهاء والسحر....

تأليف رائد قاسم
 
نبدة عن الكاتب
هو كاتب وباحث من المملكة العربية السعودية من محافظة القطيف (إحدى محافظات المنطقة الشرقية). ألف العديد من الكتب التي  تناولت الفكر وقضايا الحرية والمرأة والعدالة والتعايش السلمي ، كما أن له الكثير من المقالات والقصص والمؤلفات المنشورة على شبكة الانترنت.  والقصة المنشورة هنا هي جزء من مجموعته القصصية التي تحمل عنوان "قصص للسينما" ، وللكاتب موقع على الإنترنت أسسه ليكون جزءاً من مشروعه الإصلاحي في محيطه الاجتماعي والسياسي والديني ، ومن مؤلفاته : الديمقراطية في ظل التشريع ، الإرهاب والتعصب عبر التاريخ ، حقوق المرأة في الألفية الثالثة، طائر العشق المغرد.
 
إقرأ أيضاً ...

هناك 6 تعليقات:

  1. اهلا وسهلا بيك
    استاذ رائد
    قصه رائعه
    واهلا بيك فى بيتك الجديد
    امتعتنا وفى انتظار المزيد

    ردحذف
  2. الأخ الأستاذ رائد قاسم ..تعبر لك المؤلفة منال عبد الحميد عن إعجابها الكبير بقصتك التي أعتبرهاأيضاً رائعة ويا ريت تظهر بشكل فيلم هوليوودي أو حتى عربي، وفكرة القصة تسلط الضوء على الإسقاط النجمي أو تجارب خارج الجسد الذي سأتعرض له في مقال قادم بمشيئة الله.

    ردحذف
  3. و الله لقصة رائعة حق

    ردحذف
  4. قصـــــــــه غامضـــه جداا

    ومسليـــــــه


    ولا كنها ليست حقيقية ^_^

    تحياتي لك ..

    ردحذف
  5. كاتب هايل
    الى الامام

    ردحذف
  6. GOOD JOB جميله يا ريت اقدر اقابل الى بحبهم ولكن فرقنا القدر بلموت ياااااااااه حاجه صعبه اوى انك فى اقل من ثانيه تفقد شخص غالى عليك للابد لاتراه سوى فى حلم كل عام مره وحشتينى خالتى عفوا بل امى واكثر لم انساكى ابدا وسابكى عليكى لاخر ثانية بعمرى / وايضا من فرقتنا الحياة ونحن ببلد واحده بيننا فقط خطوات IMiss you ME SA

    ردحذف